[center]رحلة كلمات بسيطة عن شخصية سودانية ادبية اعلامية مميزة رحلت عن تراب الوطن
ولم تترك إلا أثر فكر وأدب وعلم ونور يضئ سماء كردفان الملبد بركام السحب
انذاك وأبناء كرام بمدينة الأبيض
رحم الله المولى القدير الدكتور الفاتح أحمد النور ( الفاتح النور) وطيب ثراه في جنات الخلود
ولد الراحل د. الفاتح النور بمدينة الأبيض - كردفان - السودان - حيث ترعرع ونشأ فيها وكما يذكر أنه (1) :
* أنشأ أول مكتبة عامة حديثة في أقليم كردفان 1942
* أنشأ أول مطبعة خارج العاصمة في السودان 1942 مطبعة كردفان بالأبيض
* مطبعة دارفور - نيالا - مطبعة كوستي الحديثة
* أصدر أول جريدة خارج العاصمة في السودان - جريدة كردفان
صدرت في نوفمبر 1945 وأممت في اغسطس 1970
حمل عدة أوسمة ووشاح من عدة دول
* منحته جامعة الخرطوم درجة الماجستير الفخرية في الآداب 1991
* كذلك منحته جامعة كردفان الدكتورة الفخرية في الأداب في العام 1995
* نال الوسام الذهبي للعلوم والأداب - 1997
* منح جائزة الدولة لعام 1998 ومنح جائزة رواد العمل الصحفي من المجلس
القومي للصحافة في العام 1998
* قد أعد الراحل د الفاتح النور كتاب الشعر في كردفان الذي أر اه يعد من
أفضل كتب التوثيق الشعرية التى جمع فيها معظم قصائد الشعراء السودانيين
الكباروغيرهم التى نشرت بجريدة كردفان بالاربعينات والخمسينات والستينات
وكما جملت أزهار قوافيها متن كتابه الواسع
وهي تتناثر في أبواب منها باب الشعر السياسي ، باب الاجتماعيات ، باب الشعر
القومي ، باب سحر كردفان ، باب ما وراء الطبيعة ، باب عروس الرمال ، وباب
الوجدانيات ، وكل باب من هذه الأبواب يحتوي على عدد من قصائد فحول الشعراء
السودانيين المعروفين وأذكر منهم الشاعر محمد سعيد العباسي الذي نظم أسمى
أبيات يقول فيها
أرى النوى أكثرت وجدي وتذكاري ** وباعدت بين أوطاني وأوطاري
وألزمتني من كره مصائرهــــــــــا ** هذا الترحل من دار إلى دار
فارقت بالأمس فتيانا كأنهــــــــــم ** في الجود لما تباروا خيل مضمار
ويذكر مدينة الأبيض الفاضلة في حين
أفدي الأبيض أفدى النازلين بها *** مثوى الأكارم أشباعي وأنصاري
شادوا بذكرى ولولاهم لما عشقت ** هذه المحافل أدابـــــــــــي وأشعاري
الراحل د. الفاتح النور كان أديبا بارعا وصحفيا وإعلاميا ناجحا قد رسم
معالم كردفان بأفكاره النيرة واسهامته الأدبية الثرة ، كان ولعا ينشر أخبار
كردفان وشعراء بلادي في حين ، كان نبراسا وضوء هالة ينور سراديب فضاء عروس
الرمال في ليلة ظلماء فيها
يفتقد البدر ويسير ركام السحاب فوق كثبان رمالها البيضاء وترى أنحاء البقاع خضراء
وكما يقول الراحل الفاتح النورفي كلمة راقية ان للشعر دولة وصولة في هذه المدينة الفاضلة
والشاعرةو شاعر الأبيض يقول
يا رعي الله الأبيــض قومـــــا ** عرفوا قدرهم فأبلوا خيارا
وهموا بعد أصدق الناس قولا ** وهموا بعد أكرم الناس جارا
وإذا ظمئت فأقصد حماهــم ** تجد الماء صافيــا مـــــــدرارا
يؤكد معاني تلك الضيافة الشاعر نزار قباني عندما زار مدينة الأبيض 1969
بدعوة من جريدة كردفان قال في محاضرة نشرت بجريدة كردفان وأوردها الفاتح في
كتابه المذكور أعلاه
ولو عادت الحياة الى ثلاثين سنة مضت لأخترت ان أعيش في كردفان موطن الهدوء
والنقاء والجمال ، لأخترت ان أعيش في هذه المدينة الواعية الحية المضيافة
التى تنبض يالحياة كما فعل السوريون من قبلي
وكذلك رافقه في دنيا الحياة وكرم الضيافة بمدينة الأبيض الشاعر الرقيق
المهندس ابراهيم عمر الأمين صاحب ديوان رجال خالدون ، كما يذكر في رساله ما
الى الذين أعنيهم في تلميحى وتصريحى أوإلى كل ذرة شال من تراب كردفان
الجميل أو الى كل تبلدية خضراء في طرق الخوي تغرد فوقها بلابل الدوح
والهديلوأهديهم أجمل قصيدى مع خالص التحية
وفي ذكرى حنين الى مدينة الأبيض يرسل إليها هذه الأبيات الرائعة لتبرز معانيها أكثر وضوحا ودلالة في قافية النون
وجئتها يوم جابهت الحياة فتى ** يسعى لمجد فما ضنت بايوائى
تكشفت لي عروسا في محاسنها ** ويسرت لي إلهامي وإيحائى
وألهمتني فلم أخذل مفاتنهــــــــا ** وما تعثرت في وصف وإيفاء
وانزلتنى منــــــزلا حسنـــــــــا ** وكرمتنى بآخوانـى وآبائـــى
كان الراحل د. الفاتح النور على جانب ذلك حسن المعشر ومهذب وطيب الأخلاق وكريم
الطباع وجواد الطباع ويستقبل مختلف الشعراء الذين يحلون بمدينة عروس الرمال
زوار من أى مكان وفي أى زمان
قد أورد قصائد عدة لشعراء غير سودانيين أتوا إليها من خارج السودان من
الشام ولبنان وغيرها فمثل الشاعر سعد جاويش أتى الى الأبيض زائرا لها من
أرض الكنانة
مرافق البعثة المصرية التعليمية انذاك وكما نراه هنا في أبيات شعر بديع يقول عن كردفان .( 1)
هنا يا صديقي ربا كردفان *** هنا يبدو السحر وضئ المعاني
وأمطار في المسا والصبح *** وتسيل فتنثر ذوب الجمــــان
وقصف الرعود يهز كياني ** ويبهرني الـــبرق باللمعــــــان
وأختم بالقول ان الراحل الفاتح النور رحل عنا الى دنيا أخرته وبقيت أثار أفكاره النبيلة
في الكتب والصحافة ويحفظ لمثله السودان وكردفان خاصة أحسن ذكرى نور العلم و
والاعلام والصحافة والآداب
... طيب الله ثراه في جنات النعيم
[/center]